منتدى التنمية المحلية والبنيات التحتية

تعتبر البنيات التحتية حلقة أساسية وعنصرا مهما في التنمية المحلية الشاملة، حيث أنها تؤثر على بنيات الاستثمار بشكل عام، وتلك المرتبطة بالقطاعات الإنتاجية بشكل خاص، الأمر الذي يؤثر سلبا على النمو وعلى خلق فرص الشغل على المستوى المحلي، مما قد يشكل عائقا أمام تحقيق هدف الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب. كما أن البنيات التحتية تشكل محددا هاما في مسلسل التنمية البشرية المستدامة، لما لها من ارتباط وثيق بتحسين ظروف عيش المواطنين وبجودة حياتهم.

وفي هذا الصدد، أكد دستور المملكةوبشكل صريح في الفصل 31 على أن للمواطنات والمواطنين الحق في السكن اللائق وفي العيش في بيئة سليمة وفي التنمية المستدامة، وأن الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية مطالبة بتعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين من هذه الحقوق.

مـن أجـل تحقيـق ذلـك، أوصى النموذج التنموي الجديد بتوسـيع هامـش اتخـاذ القـرار وتنفيـذه فـي نطـاق المسـتوى الأنجـع لضمـان أداء عمومـي مـرن وفعـال. وذلك من خلال بلـورة السياسـات العموميـة علـى صعيـد المجـالات الترابيـة مـن أجـل دعـم انبثـاق الحلـول المحليـة المبتكرة بانسـجام مـع رؤيـة التنميـة وخطوطهـا العريضـة المعتمـدة علـى الصعيـد الوطنـي. حيث أكد على أن مبـدأ التفريـع يسـتدعي جعـل الفاعليـن علـى المسـتوى الترابـي هم الفاعليـن الرئيسـيين فـي تنميـة الجهـات وتوسـيع هامـش تدخلهـم وآليـات التنميـة التـي يلجؤون إليهـا، بما يخدم التنميـة المحليـة.

هذا التوجه، أعطى زخما سياسيا وقانونيا مهما للجماعات الترابية ومتعها بأدوار حاسمة لتحقيق التنمية المحلية المنشودة والتي يبقى هدفها الأسمى هو الاستجابة لانتطارات وتطلعات المواطنات والمواطنين، وذلك من خلال توفير الخدمات العمومية اللازمة والتي تدخل في نطاق اختصاصاتها، المنصوص عليها في المادة 77 من القانون التنظيمي رقم 113.14 ، سواء كانت اختصاصات ذاتية أو اختصاصات مشتركة مع الدولة، أو تلك المنقولة إليها من هذه الأخيرة، وكذا تأهيل وتطوير المرافق المرتبطة بها.

كما أن خيار الجهوية المتقدمة الذي اعتمدته الدولة عبر مسار طويل، غايته الفضلى هي ربط السياسات العمومية بالمؤسسات الترابية اللامركزية واللاممركزة صياغة وتنفيذا وتقييما، وذلك لتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وكذلك من أجل تطوير استغلال فرص التنمية المحلية والاستجابة لتطلعات المواطنات والمواطنين من أجل العيش الكريم.

 

وفي هذا الإطار واستعدادا لصياغة برنامج عمل جماعة سلا للولاية الحالية، فقد باشرت الجماعة إعداد هذا الورش المهم، بنفس متطور وفعال وبانفتاح كبير على كل المؤسسات والفعاليات والكفاءات المحلية والوطنية الفاعلة.

وتتأسس عملية إعداد برنامج عمل جماعة سلا على مجموعة من المنتديات منها منتدى التنمية المحلية والبنيات التحتية، الذي سيكون فرصة سانحة للتشاور وإبداء الرأي من طرف كل مكونات المجلس الجماعي والمصالح اللاممركزة للدولة والمؤسسات العمومية والمجتمع المدني والفعاليات المعنية، وذلك في إطار المحاور التالية:

المحور الاول : الطرق والسير والجولان

إن طرح هذا الموضوع للنقاش ضمن منتدى التنمية المحلية والبنيات التحتية هو تحد في حد ذاته نظرا لتعدد إشكالاته واتساع المتدخلين فيه. لكن هذا لا يمنع الخوض في تفاصيله ودراسة الفرص والإمكانات المتاحة لتطويره، علما أنه يحظى باهتمام كبير من طرف عامة المواطنات والمواطنين.

لذا، فإن الطلب على مزيد من الاستثمار فيه يبقى مشروعا ومطلبا أساسيا، بالإضافة إلى تكثيف وضمان استمرارية التنسيق في شأنه مع مختلف المتدخلين، وتعبئة كل الإمكانيات المختلفة من أجل انجاز المشاريع المرتبطة به بشكل متوازن ومنصف بين مختلف المناطق التابعة ترابيا لجماعة سلا. كما أن توفير الفضاءات الكافية للوقوف في شوارع المدينة يبقى طلبا ملحا بالنظر إلى حظيرة العربات المتواجدة بسلا والتي تتزايد بشكل مضطرد، دون إغفال الإشكالات المرتبطة بتوازن شبكة الطرق، وذلك بخلق محاور عمودية إضافية (شرق-غرب) تضاف إلى تلك الأفقية (شمال-جنوب) الهدف منها هو تحسين وتيسير التنقل بين التجمعات السكنية والحضرية.

ومن بين أهم التحديات المطروحة على صعيد تراب الجماعة، هو فتح ممرات وأنفاق للسكة الحديدية لتسهيل السير والجولان والنقل والتنقل، بالإضافة إلى دراسة إمكانية فتح أبواب جديدة على طول أسوار المدينة العتيقة وفقا للمعايير والضوابط الجاري بها العمل وفي احترام تام للموروث التاريخي والدلالة الثقافية لها.

المحور الثاني : التعمير والتخطيط الحضري

إدراج هذا المحور ضمن منتدى التنمية المحلية والبنيات التحتية نابع أساسا من الدور الذي يلعبه التعمير والتهيئة الحضرية في التنمية المحلية الشاملة، حيث أن هذا القطاع يمتاز بشموليته وتأثيره على مختلف المجالات، لأن تطويره والاهتمام به من شأنه المساهمة بشكل جاد في خلق الإشعاع والجاذبية لجماعة سلا على المستوى الوطني، الأمر الذي سيجعل منها قطب جذب، قادر على استقطاب الموارد البشرية والاقتصادية الوطنية وكذا المشاريع والتمويلات الاستثمارية المهيكلة والدامجة، الأمر الذي سينعكس إيجابا على مختلف محددات التنمية المحلية في جميع مناحيها الاقتصادية منها والاجتماعية والثقافية وحتى البيئية .

كما أن الاهتمام وإعادة الاعتبار للموروث العمراني التاريخي والتراثي والثقافي الذي تزخر به هذه الجماعة (المدينة العتيقة لسلا) سيكون له مردود اقتصادي واجتماعي مهم، من خلال جعل مدينة سلا وجهة سياحية وطنية ودولية، خصوصا وأن هذه المدينة عانت ومازالت تعاني من مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بمجال التعمير وبالإكراهات المتعلقة بالتخطيط الحضري، رغم المجهودات الحثيثة التي تقوم بها الدولة وجماعة سلا منذ سنوات.

فرغم إنهاء مظاهر السكن الصفيحي فإن تحديات التعمير والمعالجة الجزئية للأحياء العشوائية والناقصة التجهيز تتطلب تفكيرا مليا وحوارا جادا ومجهودا مشتركا من أجل الرفع من جودة السكن في هذه المناطق، رغم التحديات والاكراهات التي تفرضها محدودية الإمكانيات المادية المتاحة لمعالجة هذا الورش الاستراتيجي، الذي سينعكس إيجابا ليس على ما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي وبيئي فقط بل سيتجاوزه ليصل لما هو مرتبط بالمعيش اليومي للمواطن البسيط وبجودة حياته.

المحور الثالث : البيئة والمناطق الخضراء

تنبثق أهمية إدراج هذا المحور في النقاش ضمن المنتديات الفكرية الخاصة بالإعداد لبرنامج عمل جماعة سلا، من الدور المهم الذي تلعبه المقومات البيئية والمناطق الخضراء في تحسين إطار وظروف عيش المواطنات والمواطنين السلاويين، من خلال توفير بيئة سليمة ومتوازنة قادرة على رفع التحديات وتحقيق التنمية المحلية المستدامة. هذه الأخيرة رهينة بمدى حرص كل واحد منا على حماية ثرواتنا الطبيعية وتنميتها وترشيد التعامل معها بما تقتضيه تعاليم ديننا السمحة وتقاليدينا العربية الأصيلة.

هذه المقومات البيئية والمناطق الخضراء، على قلتها في تراب جماعة سلا، وبالنظر إلى تآكلها في السنوات الماضية، فإن تأهيلها أصبح أمرا أساسيا وذو أولوية محلية قصوى، لما لها من دور محوريا في التنمية البيئية والاجتماعية التي تنعكس بشكل إيجابي وغير مباشر على التنمية الاقتصادية.

كما أن إنشاء فضاءات ومناطق خضراء جديدة يبقى ضرورة ملحة تتطلب تظافر جهود الدولة والجماعة ومختلف الفاعلين والمهتمين بالشأن البيئي المحلي والوطني ويشكل تحديا كبيرا بالنظر لمحدودية الإمكانيات وكثرة المعيقات والتي يبقى أبرزها هو الزحف الإسمنتي لإنشاء تجمعات حضرية جديدة بمدينة سلا. لكن يبقى التحدي الأكبر هو العمل على وضع استراتيجية محلية تعنى بإشكالية الاستدامة البيئية وترسيخ ثقافة المحافظة على الموروث الطبيعي لدى شريحة كبيرة من المواطنات والمواطنين السلاويين،  فالفضاءات والمناطق الخضراء تعتبر رئة المدينة والمكان الأمثل للتلاقي والتواصل والترفيه خاصة بالنسبة للأطفال، وهي كذلك من محددات الصحة بالنظر إلى توفرها على ممرات وفضاءات رياضية وخاصة تلك الغابوية التي تقع في تراب الجماعة.

المحور الرابع : التدبير المفوض

تكتسي المرافق العمومية المرتبطة بالشأن المحلي أهمية بالغة لأنها مؤسسات تقدم خدمات تلبي حاجيات المواطنين في قطاعات حيوية كالنظافة والإنارة والتطهير السائل والربط بشبكة الإنارة العمومية والماء الشروب وكذا النقل الحضري ...إلخ.

وأمام التطور العمراني والنمو الديموغرافي المتسارعين للمدن وتزايد الحاجيات في مجال الخدمات والبنية التحتية، أصبحت هذه المرافق تطرح تحديات جدية من حيث التدبير وفق منظور علمي وتقني متقدم واستثمارات مالية وبشرية مهمة، ارتأى المشرع نهج سبيل التدبير المفوض لهذه المرافق وكذلك التدبير في إطار شركة التنمية المحلية على أساس الشراكة بين القطاع العام والخاص. لذلك وضع الأساس القانوني والمؤسساتي لهذه الشراكة والذي يروم الحكامة الجيدة والتسيير المعقلن المبني على حسن تدبير الموارد واستثمار التقنيات الحديثة في إطار الاحترام التام للقوانين.

وبالتالي، يتضح أن المفهوم الذي يفسر وجود التدبير المفوض هو الاستفادة من تجربة القطاع الخاص وقدرته المعرفية والنمط المرن والاحترافي للتدبير لديه، إضافة إلى قيمة الاستثمارات التي يأتي بها، وهذا الأمر يتماشى مع النهج الليبرالي الذي تسلكه الدولة باعتباره أحد ركائز التنمية.

تلكم هي المحاور التي ستكون موضوع تشاور وحوار في هذا المنتدى بين المتدخلين في هذه القطاعات الحيوية والتي ستكون مناسبة لاقتراح بدائل وإجابات واضحة وقابلة للتنفيذ للإشكاليات المطروحة والتي تشغل بال مواطنات ومواطنين مدينة سلا والتي يمكن تلخيصها فيما يلي:

-ما هي الاقتراحات التي يمكن دراستها انطلاقا من الحوار والتشاور لتحسين النموذج العمراني للمدينة وتطوير جاذبيتها السياحية والاقتصادية؟

-كيف يمكن استغلال الإمكانات المتاحة في تصميم التهيئة الجديد في الاستجابة لانتظارات المواطنين وخصوصا تلك المرتبطة بتحسين ظروف السكن والتخفيف من الاكتظاظ في بعض التجمعات العمرانية؟

-كيف يمكن للتخطيط الحضاري أن يسهم في إشعاع مدينة سلا وفي تنمية مواردها المالية وتحقيق نهضتها الاقتصادية؟

- وكيف يمكن تقييم تجربة التفويض بعد عشرين سنة من الممارسة؟ وماهي الآليات التي يجب على المفوض أن يتوفر عليها للسهر على السير السليم للمرفق؟

-كيف يمكن لتطوير البنيات التحتية الطرقية بمدينة سلا أن يكون رافعة لها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي؟

-ما هي السبل الكفيلة بتحسين وتيسير السير والجولان بمدينة سلا وما مدى تأثير ذلك على التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية وعلى إشعاع المدينة على المستوى الوطني؟

-كيف يمكن لجماعة سلا أن تطور وتأهل موروثها البيئي وفضاءاتها الخضراء في ظل الإكراهات والمعيقات التي تواجها والتي يتركز أغلبها في محدودية الإمكانات المادية وضعف الثقافة البيئية ؟

برمجة لقاءات منتدى التنمية المحلية والبنيات التحتية