المنتدى الاقتصادي
اقتصاد سلا دعامة أساسية للتنمية المحلية
يعتبر ورش تفعيل الجهوية المتقدمة في تدبير الفعل العمومي المحلي تطورا مهما على صعيد بنيات وهياكل الدولة، الأمر الذي سيمكنه من إصلاح وتحديث العلاقة بينها وبين باقي المستويات الترابية المكونة لها، وجعل الديمقراطية المحلية عنصرا معبئا للطاقات ومنتجا للنخب، واعتماد التدبير الترابي كمكون أساسي في خلق توازن مؤسسي بين الدولة والجهة يهدف إلى توزيع فعال وعادل للثروة، وجعل السلط والاختصاصات قائمة على المراقبة وتلبية الحاجيات الميدانية للساكنة المحلية.
هذا الورش الاستراتيجي، حضي بدعم سياسي قوي متجسد في دستور 2011، الذي خص الجهات والجماعات الترابية بباب كامل، أكد من خلال فصوله الاثنا عشر على التنظيم الجهوي والترابي وعلى دوره في ترسيخ مبادئ التدبير الحر الذي يمكن السكان من المشاركة في تدبير شؤونهم، ومن الرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة.
هذا التوجه، جعل الجماعات الترابية في صلب هذا الخيار الاستراتيجي الكبير، حيث أصبحت مطالبة بتبني سياسة محلية واضحة وقابلة للتنفيذ، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وذلك وفق الاختصاصات الموكلة إليها في المادة 77 من القانون التنظيمي رقم 113.14، سواء كانت اختصاصات ذاتية أو اختصاصات مشتركة مع الدولة، أو تلك المنقولة إليها من هذه الأخيرة.
هذه الاختصاصات مكنتها من تسطير سياسات تنموية مبنية على البعد المحلي وعلى اقتصاد ناجع وقوي، يهدف إلى خلق النمو، وتوفير فرص الشغل، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وكذا الرفع من نجاعة السياسات والبرامج والمشاريع على المستوى المحلي، لضمان استفادة المستهدفين الفعليين منها، إحقاقا لمبادئ العدالة الاجتماعية والمجالية بالنسبة لجميع المواطنين.
ووفق هذا المنظور، وتماشيا مع رؤية النموذج التنموي الجديد -الذي يعتبر أن تحسن جودة النمو الاقتصادي أمر ضروري من أجل تنمية دامجة ومستدامة- تحرص جماعة سلا، منذ تشكيل المجلس الجماعي الجديد، على تجسيد هذا النهج على أرض الواقع، انطلاقا من اقتراح حلول وبدائل لمجموعة من الإشكالات التي تحظى باهتمام سكان سلا في مختلف المجالات وعلى رأسها المجال الاقتصادي، وذلك باعتماد مقاربة تشاركية مبنية أساسا على الإصغاء والتشاور مع جميع الفعاليات المحلية وذلك بهدف الاستجابة الفعالة لمختلف انتظارات وتطلعات سكان جماعة سلا.
من هذا المنطلق، ووعيا منها بأهمية المجال الاقتصادي في التنمية المحلية ودوره الأساسي في تطوير مختلف المجالات التي تحظى باهتمام الساكنة، تولي جماعة سلا اهتماما خاصا بهذا المجال، من خلال العمل على إيجاد حلول للرفع من أداء النظم الاقتصادية المحلية ولتنشيط دينامية النسيج الاقتصادي المحلي بما يستجيب لمتطلبات التنمية الاقتصادية المحلية، الأمر الذي سينعكس إيجابا على جودة الحياة بالنسبة للمواطن السلاوي وعلى مختلف انشغالاته ومناحي عيشه في المجالات الاجتماعية و الثقافية و البيئية، على اعتبار أن الشأن الاقتصادي هو الدعامة الأساسية لكل هذه المجالات.
وفي هذا السياق، تعمل جماعة سلا حاليا على بلورة برنامج عمل متكامل واستشرافي يروم إلى رسم خارطة طريق واضحة لتسيير الجماعة للفترة الممتدة بين 2022 و2027، وذلك من خلال فتح نقاش عمومي محلي حول مختلف الإشكالات التي تهم المواطن، والعمل مع مختلف القطاعات الحكومية والفاعلين الاقتصاديين والشركاء الاجتماعيين والفعاليات المجتمعية على إيجاد إجابات علمية وعملية لها، اعتمادا على منتديات فكرية وورشات تقنية ستستغل مخرجاتها كمادة أساس لبرنامج العمل هذا.
ويندرج المنتدى الاقتصادي في هذا النسق، حيث سيشكل مناسبة سانحة للوقوف على مختلف المعيقات التي تحول دون الوصول إلى التنمية الاقتصادية لجماعة سلا، واقتراح بدائل قابلة للتنفيذ من شأنها تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة التي تعتبر دعامة أساسية للتنمية في مختلف المجالات.
ويرتكز هذا المنتدى الاقتصادي على مجموعة من المحاور يختص كل واحد منها بمناقشة الإشكالات القطاعية في صبغتها المحلية ووضعها في سياق مندمج، بحيث يهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية للجماعة بشكل لا يكتفي بالرفع من المؤشرات الكمية بل يتجاوزها ليصل إلى المعيش اليومي للمواطن البسيط.
وهكذا تم في إطار هذا المنتدى تحديد المحاور التالية:
محور التجارة:
في هذا المحور سيتم الانكباب على مناقشة سبل تطوير المردود التجاري بجماعة سلا، من خلال تدارس التحديات التي تواجه المقاولات التجارية في ممارسة أنشطتها واقتراح الأجوبة التي من شأنها حث هذه المقاولات على تطوير آليات اشتغالها وتنويع أنشطتها والرفع من قدرتها على الابتكار. الأمر الذي سينعكس إيجابا على المردودية المالية لهذه المقاولات وعلى جودة الحياة بالنسبة للمواطن من خلال توفير عرض متنوع من سلع وخدمات، كما سيساهم في الإشعاع التجاري لجماعة سلا ويشجع مقاولات أخرى على خلق أنشطة تجارية بالجماعة.
كما ستتم مناقشة الإشكالات التي تواجه تجارة القرب التي تلعب دورا مهما ليس على المستوى الاقتصادي فقط، بل على المستوى الاجتماعي، بحكم العلاقة التي تربط تجار القرب بالمواطن البسيط وما يتخللها من خدمات وتسهيلات يطغى عليها الطابع الاجتماعي والتضامني على التجاري والاقتصادي.
محور الصناعة:
الاهتمام بالصناعة في بعدها المحلي، يعتبر خيارا قطاعيا استراتيجيا بإمكانه دعم المسلسل التنموي على المستوى المحلي والجهوي والوطني، حيث أن قطاع الصناعة يمكنه الاسهام بشكل فعال في إحداث مناصب شغل على المستوى المحلي، مما سيخلق دينامية تنموية مضطردة، كما سيساهم في معالجة مجموعة من الظواهر الاجتماعية المرتبطة بالفقر والهشاشة، بالإضافة إلى أن تطور هذا القطاع على المستوى المحلي يمكن أن يجعل من جماعة سلا قطبا اقتصاديا وصناعيا واعدا على المستوى الوطني، مما سيحولها إلى قطب جذب مهم للاستثمارات وللموارد البشرية المؤهلة، الأمر الذي سيشكل انطلاقة حقيقية للتنمية الاقتصادية للجماعة، وسيساهم في دعم مجهودات التنمية في شتى المجالات.
أهمية هذا القطاع بالنسبة لجماعة سلا، يدفعها إلى فتح النقاش حول سبل وآليات التطوير، والتفكير في مصادر التمويل التي تمكنها من خلق المناخ المناسب لتطور هذا القطاع على المستوى المحلي، وذلك من خلال عقد شراكات مع الدولة ومع القطاع الخاص من شأنها تقوية البنيات التحتية الطرقية والصناعية وتمكين المقاولات من الأوعية العقارية، الأمر الذي سيساهم لا محالة في الرفع من تنافسية هذه المقاولات على المستوى الوطني.
بالنسبة للصناعة التقليدية، فالفرصة سانحة لتحديد المعيقات والإشكالات التي تحول دون تطوير هذا القطاع، كما ستكون مناسبة للوقوف على الوضعية المادية والاجتماعية للصناع التقليديين والبحث عن الحلول التي من شأنها دعمهم وحثهم على الابداع والابتكار، في أفق الرفع من مردودية هذا القطاع الحيوي ومساهمته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجماعة سلا
محور الخدمات
تدارس إشكالات قطاع الخدمات بجماعة سلا، لا ينبع من مساهمته النوعية في خلق فرص الشغل فقط، بل في الدور الحيوي الذي يلعبه هذا القطاع في تطوير الاقتصاد المحلي بشكل عام، حيث أن تطوره ومعالجة نواقصه ستساهم في خلق جاذبية مكتسبة للجماعة، كما ستمكنه من المساهمة في الرفع من أداء مختلف القطاعات الإنتاجية، بالإضافة إلى الرفع من جودة الحياة بالنسبة للمواطنين.
ويعتبر تطوير قطاع الخدمات من أهم التوجهات الاستراتيجية التي يجب إدراجها والتأكيد عليها في برنامج عمل جماعة سلا، نظرا للتأثير الايجابي لهذا القطاع على التنمية الاقتصادية المحلية، حيث أن أي اختلال في هذا القطاع ممكن أن يؤدي إلى تدهور معدلات التشغيل والاستثمار بالجماعة
محور السياحة
يكتسي قطاع السياحة أهمية كبرى في دعم التنمية الاقتصادية المحلية خصوصا في جماعة مثل سلا، والتي تزخر بتراث وموروث تاريخي وتقافي مهم يجعل منها مرجعا للهوية المغربية. لكن هذه المقومات والإمكانات لا يتم استثمارها بالشكل المطلوب، رغم المجهودات المبذولة من طرف الجماعة ومختلف القطاعات الحكومية المعنية، والتي تجسدت في برنامج تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لسلا.
وسيكون هذا المنتدى مناسبة مهمة لفتح النقاش حول هذا البرنامج الطموح بغية تحصين مكتسباته وتعزيزها والوقوف على النواقص والمعيقات وتجاوزها. كما سيكون مناسبة أيضا لدراسة إمكانيات هذا القطاع في شموليته على المستوى المحلي وتقييم مردوده الاقتصادي، والتفكير في البدائل والاقتراحات الممكنة والقابلة للتنفيذ من أجل تطويره
محور التشغيل:
يعتبر التشغيل من أهم الإشكالات، ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى الوطني، نظرا لآثاره الاقتصادية والاجتماعية على فئة عريضة من الشباب. هذه الإشكالية تتم مواجهته على المستوى الوطني من خلال تنزيل مجموعة من البرامج والاستراتيجيات التي تهدف أساسا إلى وضع سياسات عموميّة في مجال التشغيل على المدى القصير والمتوسط والبعيد وتحديد الآليات الضرورية لتحسين تشغيلية الباحثين عن الشغل من بينها مراجعة البرامج النشيطة للتشغيل وتقييمها وتبسيط إجراءاتها حتى تستجيب لحاجيات المؤسسات الاقتصادية لليد العاملة المختصة ولتطلعات طالبي الشغل وبالتالي الملائمة بين العرض والطلب.
وتتطلب مواجهة إشكالية التشغيل على المستوى المحلي، الانكباب على مناقشة معيقات التنمية الاقتصادية بسلا، والعمل على توفير مناخ استثماري ملائم يسمح بإحداث مواطن الشغل لفائدة الشباب بمختلف مستوياته. وذلك من خلال إجراءات عملية تهدف إلى تخليق الحياة العامة وتبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير الدعم لبنيات الاستثمار وتدعيم البنى التحتية، بالإضافة إلى عقد شراكات مع الدولة والقطاع الخاص وكذا الفرقاء الاجتماعيين من أجل مطابقة تكوين والمؤهلات التقنية لشباب مدينة سلا مع متطلبات سوق الشغل على المستوى المحلي ومع التوجهات الاستراتيجية للبنية الاستثمارية المحلية
محور الاستثمار:
يشكل الاستثمار الحجر الأساس في التنمية الاقتصادية المحلية والوطنية، نظرا لارتباط كل مجالات التنمية بتطوره وازدهاره. حيث أنه لا يمكن تصور تنمية محلية دون استثمار قوي قادر على خلق الثروة وعلى إدماج الشباب في النسيج الاقتصادي.
وعلى هذا الأساس، سيولي المنتدى الاقتصادي أهمية قصوى لهذا القطاع، من خلال تعميق النقاش حول كيفية جذب وتطوير الاستثمار على مستوى جماعة سلا، بالإضافة إلى توجيهه نحو القطاعات الاقتصادية والإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية. كما سيتم تدارس كيفية استغلال المؤهلات الطبيعية لمدينة سلا وموقعها الجغرافي في الترويج لها كوجهة استثمارية على المستوى الوطني.
وتأسيسا على ما سبق، سيكون المنتدى الاقتصادي، ومن خلال لقاءاته التشاورية وورشاته التقنية في مختلف المحاور المدرجة سلفا، مطالبا بإيجاد إجابات علمية وعملية لمجموعة من الإشكاليات والتي تتلخص فيما يلي:
كيف يمكن بناء اقتصاد محلي قوي ومتنوع قادر على تحقيق التنمية المحلية الشاملة؟
هل يمكن للقطاعات الإنتاجية بسلا أن تكون قاطرة أساسية لتحقيق الإقلاع الاقتصادي المحلي؟
ما هو دور التكامل بين الدولة وجماعة سلا وإلتقائية مخططاتهما في تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية؟
إلى أي حد يمكن للتنمية السياحية أن تسهم في التنمية الاقتصادية بجماعة سلا؟
ما مدى مساهمة الاستثمارات والتمويلات الوطنية في التنمية الاقتصادية وفي الإدماج الاقتصادي للشباب السلاوي؟
كيف يمكن لمجال التعمير والتخطيط الحضاري أن يسهم في إشعاع مدينة سلا وفي تنمية مواردها المالية وتحقيق نهضتها الاقتصادية؛
ما هي الفرص والإمكانات المتاحة لتطوير قطاع الخدمات لكي يصبح ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية؟
هل يمكن اعتبار تطوير المردود التجاري بمدينة سلا محددا أساسيا في تطوير الموارد المالية للمدينة وفي الرفع من جودة الحياة لمواطنيها؟
برمجة لقاءات المنتدى الاقتصادي: